السودان على حافة الانهيار الاقتصادي: أزمات متشابكة وغياب الحلول

يواجه السودان اليوم أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تتفاقم يومًا بعد يوم نتيجة لتراكم الأزمات السياسية، وتدهور البنية التحتية، وانهيار المؤسسات، مما يهدد بانهيار شامل للدولة.

أرقام صادمة: اقتصاد على شفا الانهيار

تشير التقارير إلى أن الاقتصاد السوداني يعاني من انكماش حاد، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 60% و70%، وتجاوزت معدلات التضخم 300%، مما أدى إلى تفشي الفقر والمجاعة بين أكثر من نصف السكان. 

كما أدى استمرار الحرب إلى تدمير البنية التحتية وتدهور الخدمات الأساسية، مما ساهم في نزوح ولجوء أكثر من 15 مليون شخص، وهروب رؤوس الأموال والقوى العاملة. 

العملة المنهارة: نظام نقدي مزدوج

في ظل الانقسام السياسي والعسكري، أصبح السودان يشهد نظامًا نقديًا مزدوجًا، حيث تتداول عملتان مختلفتان في مناطق سيطرة الجيش وقوات الدعم السريع، مع منع كل طرف التعامل بعملة الآخر. 

هذا الوضع أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وخلق حالة من الفوضى في الأسواق، وزيادة عمليات التهريب، وانعدام الثقة في النظام المالي.

الفساد وغياب الشفافية: عوائق أمام الإصلاح

يُعد الفساد وغياب الشفافية من أبرز العوائق التي تحول دون تنفيذ أي إصلاحات اقتصادية فعالة. فالسودان يعاني من ضعف الحوكمة، وسوء إدارة الموارد، وغياب الرقابة على الشركات المملوكة للدولة، مما يعرقل جهود التنمية ويزيد من معاناة المواطنين. 

المجتمع الدولي: دعم مشروط بإصلاحات حقيقية

رغم الحاجة الماسة إلى الدعم الدولي، إلا أن المجتمع الدولي يشترط تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، وعودة الحكم المدني، واستعادة مسار التحول الديمقراطي، قبل تقديم أي مساعدات أو قروض. 

الخلاصة: الحاجة إلى إرادة سياسية وإصلاح شامل

إن الأزمة الاقتصادية في السودان هي نتيجة مباشرة للأزمة السياسية المستمرة، وغياب الإرادة السياسية لتنفيذ إصلاحات حقيقية. ولن يتمكن السودان من الخروج من هذا النفق المظلم إلا من خلال التوافق الوطني، وعودة الحكم المدني، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة، واستعادة ثقة المجتمع الدولي.

فالسودان يقف اليوم على مفترق طرق، إما السير نحو الانهيار الكامل، أو اتخاذ خطوات جادة نحو الإصلاح والبناء.