تقارب حكومة بورتسودان مع روسيا: مناورة محفوفة بالمخاطر تهدد التوازن الإقليمي

في خطوة أثارت جدلاً داخلياً ودولياً، مضت حكومة بورتسودان في تعزيز علاقاتها مع روسيا من خلال اتفاق يسمح بإقامة قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر، إضافة إلى تسهيلات اقتصادية واستثمارية واسعة، خصوصاً في قطاع التعدين. هذا التحول الاستراتيجي يضع السودان على مفترق طرق جيوسياسي، وسط تصاعد القلق من تداعيات هذا التقارب على السيادة الوطنية والعلاقات الخارجية.

موطئ قدم روسي استراتيجي على البحر الأحمر

الاتفاق يمنح روسيا حق إنشاء قاعدة بحرية قادرة على استيعاب أربع سفن حربية، بينها سفن نووية، مع وجود نحو 300 عنصر عسكري. هذه الخطوة تمنح موسكو منفذاً مباشراً إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، ما يعزز طموحاتها في توسيع نفوذها العسكري في إفريقيا والشرق الأوسط.

خطر على السيادة السودانية

قوى سياسية سودانية، أبرزها حزب المؤتمر السوداني، عبّرت عن رفضها الشديد للاتفاق، مؤكدة أن حكومة بورتسودان لا تمتلك الشرعية الكاملة لعقد مثل هذه التفاهمات المصيرية. كما حذرت من أن الاتفاق قد يورط السودان في صراعات دولية لا طاقة له بها، ويعيد سيناريوهات الهيمنة الأجنبية على القرار الوطني.

تحذيرات أمريكية وقلق دولي

الولايات المتحدة لم تقف صامتة إزاء هذا التقارب، وأصدرت تحذيرات واضحة مفادها أن فتح الباب أمام النفوذ العسكري الروسي في السودان قد يؤدي إلى عزلة دولية ويضعف فرص التعاون المستقبلي مع الغرب. وتشير دوائر دبلوماسية إلى أن هذه الخطوة قد تعرقل أي جهود لحل النزاع الداخلي أو استئناف العملية الانتقالية.

شق اقتصادي مشبوه

يتجاوز الاتفاق البعد العسكري ليشمل التعاون الاقتصادي، لا سيما في مجالات الذهب والتعدين، حيث تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي في السودان مقابل دعم سياسي وعسكري لحكومة بورتسودان. وهو ما يثير المخاوف من دخول السودان في لعبة مصالح دولية معقدة قد تأتي على حساب موارده ومصالح شعبه.

ماذا يعني هذا التقارب في هذا التوقيت؟

في ظل الحرب المستمرة والانقسامات الداخلية، يبدو أن حكومة بورتسودان تبحث عن حليف دولي قوي يضمن لها البقاء، لكن الثمن قد يكون باهظاً. التقارب مع روسيا، وإن بدا مغرياً في المدى القصير، قد يدفع السودان إلى عزلة دولية أكبر ويفاقم من تعقيد الأزمة الحالية، ويضعف فرص تحقيق السلام والاستقرار.

هل يتحول السودان إلى ساحة صراع نفوذ دولي؟

الخطوات الأخيرة تشير إلى أن الإجابة قد تكون “نعم” ما لم يتم التراجع عن هذا المسار وتغليب المصلحة الوطنية على التحالفات المؤقتة.